ذاكرة الجزائريين تُعرض في باريس وسط مقاطعة الجمهور

30/01/2014 - 13:30

ياسمينة خضرة يشتكي عدم الإقبال على لوحات الفنان شكري مسلي
يعطي معرض شكري مسلي ـ آخر عمالقة الفن التشكيلي الجزائري ـ انطباعا مفاده أن التوفيق بين الأصالة والمعاصرة محاولة صعبة المنال لكن ممكنة، حينما يكون صاحبها يعي حدود التقليد والتأثر الأجنبيين، ويكتسب موهبة التجديد والتحديث وقدرة استنطاق التراث المحلي، مستلهما ماضي حضارة بلده المتنوع ثقافيا، وأساليب وتقنيات ومنطلقات من سبقه من كبار التشكيل في العالم. ومسلي "83 عاما" الذي خرج من معطفي بيكاسو وبراك، وفق تعبير تقرير أعده موقع "الجزيرة نت"، يعرض في المركز الثقافي الجزائري حتى الخامس من الشهر القادم، لوحات تجسد تكعيبة وتجريدية أملاها الزخم التراثي الأمازيغي. واشتهر مسلي الذي اضطر للهجرة إلى باريس عام 1994 في عز عشرية العنف الحمراء بالجزائر، إثر اغتيال مدير المدرسة الوطنية للفنون التشكيلية محمد عسلة وابنه كأحد أبرز مؤسسي الحداثة التشكيلية الجزائرية. وتجاوز بذلك أستاذه ومعلمه الراحل الكبير محمد راسم مؤسس حركة أوشام عام 1967 مع دونيه مارتيناز، وهي النزعة التي يعود تاريخها في نظره إلى آلاف السنين وتشهد عليها مغارات حضارة الطاسيلي المعروفة في أقصى الجنوب الجزائري. ومعرض مسلي الذي يوصف بأنه يخاطب ذاكرة الجزائريين والمرأة بوجه خاص، لم يحضره الجمهور المتوقع كما سبق أن اشتكى مدير المركز الثقافي الجزائري الروائي الشهير ياسمينة خضرة في أكثر من مناسبة. ويعد مسلي مثقفا وفنانا تشكيليا حداثيا وطلائعيا بحكم مشاركته في تأسيس مجلة "شمس" اليسارية عام 1950. ودخل مدرسة الفنون التشكيلية في باريس عام 1954 وعرض لوحاته عام 1956 إلى جانب المغربي الشرقاوي، قبل أن يتوقف عن الرسم للنضال في صفوف جبهة التحرير والمشاركة في إضرابات الطلاب. وكان الرسام الجزائري الأول الذي حصل على شهادة تخرج من مدرسة الفنون التشكيلية وأقام في المغرب منذ عام 1960 وحتى استقلال الجزائر عام 1962. وعرض لوحاته في نيويورك وسان فرنسيسكو وأطلنطا وواشنطن عام 1982 إلى جانب تشكيليين أفارقة، وبقي ملتزما بقضايا الوطن بعد استرجاع الاستقلال موازاة لعمله أستاذا في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، ولمشاركته كعضو فاعل في توجيه الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية الذي يعد من أبرز مؤسسيه. وقد كان من أبرز مؤسسي تجمع الفنانين والمثقفين المناهضين للتعذيب عام 1988، ويعد علامة فارقة في تاريخ الفن التشكيلي الجزائري إلى جانب محمد راسم أستاذه ومحمد إسياخم ومحمد خدة وباية وسيلام وقريشي.